نال العالمان الأمريكيان جون ماثروجورج سموت جائزة نوبل ، العام الماضي ، عن عملهما الذي يبحث في بدايات الكون ويحاول إستخلاص المعلومات عن أصل المجرات والنجوم . وهما في بحثهما أكدا نظرية الأنفجار الكبير (بيغ بونغ) ، إلا انهما تميزا عمن سبقهما بالإشارة عن خلفية كونية من الإشعاعات البالغة القصر. رغم مجهودهما ، إلا أنهما لم يأتيا بشىء جديد عمليا ًيوضح كيفية هذا الإنفجار الكبير ، كما لم يجيبا عن التساؤلات عن كيفية تشكل الأرض والنجوم الذي لازال لغز تشكلهما ، خاصة للكرة الأرضية ، مستعصياً على العلماء الغربيين .
وللأسف فأن العلماء العرب يتبعون ويأخذون مايأتي به الفكر الغربي في هذا الحقل دون تمحص أو تدقيق . قبل عقدين من الزمن كانت الإجابات عن مسائل كثيرة في الكون عصيًة على العلماء والمهتمين . ولكن مع نجاح تلسكوب هابل في التجول والسياحة في الفضاء الفسيح فإن الصور الثمينة الشديدة الوضوح تفسر تطور الكون وتعطي الجواب العلمي والعملي الواضح للإنفجار الكبير ولكيفية تشكل الأرض والنجوم وتنبئنا عن بدايات الكون بصورة واضحة غير ملتبسة ، لأن توغل تلسكوب هابل في الفضاء الكوني الفسيح يلتقط صوراً لنجوم لازالت في طور التشكل والنمو ، كالطبيب الذي أضحى يلاحظ الجنين في مراحل تشكله الأولى وتطور نموه يوماً بيوم بواسطة اجهزة الأشعة . وعليه فأن نظرية الإنفجار الكبير التي أكدها هذان العالمان بسياقها الماضي على علاتها دون تعديل ، رغم توافرالصورمن تلسكوب هابل ، فإنها تحتاج الى الكثير من المراجعة والتصويب . فنظرية الأنفجار الكبير ينقصها الوضوح والتفصيل من علماء الغرب لتصبح مقنعة ، ولكن مع التفسيرالأخير الذي قدماه هذان العالمان فإن ذلك يعني أن صورة هذا الأنفجارلازالت غير ناضجة أومكتملة لديهما وليس في ذلك عيب أو إنتقاص من مجهودهما . وأعطي القارىء فكرة عن المفهوم الغربي للإنفجار الكبير وهو أن الفضاء السحيق كان يملاءه الماء ثم انكمش كحجم الدبوس لينفجر ويش كل الكون الذي نعرفه . والواقع أن الخلاف ليس على حصول هذا الإنفجار ، ولكن الخلاف هو على كيفية حصوله . خاصة بعد الإطلاع على الصور الفضائية والتمحص بها وتوسع المعرفة الكونية مع تحليل عينات من تربة القمر ومن ثم المريخ ، لنصل الى معرفة كيفية تشكل الأرض والنجوم .
بعد هذه المقدمة البسيطة نجيب على الوقائع الحقيقية لكيفية الأنفجار الكوني وتشكل الأرض والنجوم بما نملك من خلفية عربية معرفية قديمة نعتز وتنباهي بها بين الأمم. لقد كان الكون قبل خمسة عشر مليار سنة ، تاريخ الإنفجار، يملؤه الماء بشكل كرة ضخمة لايعرف ولايمكن التنبؤ بطول قطرها الذي كانت عليه أو محيطها لعظم استدارتها في الكون الفسيح . وكانت تدور حول ذاتها كما تدور الأرض حالياً وإن بسرعة مختلفة ، إنما برتابة تحافظ على انكماشها واستدارتها الهائلة . أما لماذا كان الماء كمادة في الكون بشكل كروى فلأن ليس للفراغ الكوني حدود أو نهاية يمكن أن يتصوره العقل الإنساني ؛ لذا فلابد للمادة المائية من حدود لها فيه وفق شكل كروي ضروري للمحافظة على توازنها بدورانها وانكماشها واستدارتها لئلا تتلاشى في الكون الفسيح . وهذا الأمر لم ينتبه له العلماء مكتفين بالقول أن الكون كان مملؤاً بالماء قبل الإنفجار الكبير دون أن يحددوا الشكل الذي كان عليه هذا الكم من المياه في الفضاء اللامتناهي ، لذا فلقد جاءت نتائج أبحاث العلماء الغربيين مبهمة وغير شافية عن كيفية تكون الأرض .أما كيف حصل الأنفجار والمياه منقبضة على ذاتها ومتماسكة بدورانها ، فأن كرة من مادة صلبة ً قد برزت في غفلة من الكون منطلقة نحو الكرة المائية كما الشهب في السماء مخترقة إياها كدبوس يخترق بالوناً منفوخاً ليؤدي الأمر الى الإنكماش السريع للكرة المائية الى أقصى حد ممكن والى اتحاد عناصر الماء والعناصرالصلبة الجديدة التي ضمها هذا النيزك الناري الملتهب لتتولد عناصر جديدة أدت الى تشكل الكون الحالي . وبعد هذا الإنكماش السريع الذي لم يتعد دقائق أو ثوان عادت الكرة للإنتفاخ والإنفجار الواسع بقوة مدوية ، عرًف عنه بالإنفجار الكوني الكبير . هذا الإنفجار اتخذ شكل كتلتين متنافرتين في توسعه ، وليس شكلاً دائرياً كما يعتقد بذلك بعض علماء الغرب ٍٍٍ ، لأنه يستحيل أن يكون التوسع دائرياً وإلا انعدمت عمليات الشد والجذب على اساس التنافر المغناطيسي السلبي والإيجابي الضروري لتماسك الكون بمكوناته من النجوم والكواكب ودورانها. ومن هذا التوسع الهائل والتباعد للكتلتين بشكل سريع ، تناثرت في الكون الغازات و اللهب والغبار عقب هذا الانفجار. وكان بالأمكان أن تنشاً الفوضى في الكون الى مالانهاية لولا الطبيعة الجديدة للمادة المتنوعة التي نشأت عن هذا الإنفجارمن الغبار والحجارة والقوة المغناطيسية التي أكتسبتها تلك المواد التى نتجت عن تلاحم عناصر الكرة الصلبة الصغيرة مع عناصر الكرة المائية الضخمة. هذه القوة المغناطسية المتنافرة هي التي هندست الكون وحفظته وماتزال ؛ بحيث أن الغبار، الذي نتج عن هذا الإنفجار وملأ الفضاء والتي تعادل الحجارة المترافقة له بنسبة واحد الى مليار على الأكثر ، شكل كتلة سوداء كثيفة هشة ، عرفت فيما بعد بالثقوب السوداء ،إنما من غبار صلب ذات طبيعة مغناطيسية متجانسة باتساع يمتد لملايين الكيلومترات أو السنين الضوئية بحيث انها بتلاحمها وكثافتها شكلت قوة مغناطيسية إيجابية قوية شدت اليها وجذبت كل الحجارة النارية الملتهبة والباردة ، الكبيرة منها والصغيرة ، المتفلته عن هذا الإنفجار ، أو بالأحرى عن التوسع الكوني المتنافر، لتحتويها بجاذبية مضادة بكميات هائلة من الغبارالكوني بما يحصر هذا الإلتهاب بداخلها كنواة نارية ساعدتها على توليد جاذبية مضادة بعد أخذها حجماً مناسباً داخلها واكتمال عناصرقشرتها الخارجية بتنوع ملائم لتماسكها وعدم إنف راط عقدها. وبما يؤهلها للتفلت كنجم مضيء من داخل الثقب الأسود الذي احتضنها ورعاها حتى اكتمل نموها وبلغت سن الرشد لتأخذ موقعها في الفضاء ككرة مضيئة جاذبة وفق مهمة محددة لها سلفاً في حفظ الكون وتماسكه من خلال دورانها ومغناطيسيتها .
أما كيف تكونت الكرة الأرضية فهذا أمر عجز عن تصوره العلماء حتى الآن ، بينما قاربوا للنجوم الأخرى الى حد ما . أما بالنسبة للكرة الأرضية فان الأمر لازال لديهم محيراً رغم كل العناصر المتوفرة بين أيديهم . وهم بهذا الأمر أشبه بالتلاميذ الذين يقدمون على امتحاناتهم دون أن يكلفوا أنفسهم عناء تحضير دورسهم مما يعرضهم الى الرسوب في امتحاناتهم لعدم المعرفة . والعلماء الغربيين لو يكلفون أنفسهم التمحيص والتدقيق في الصور الي يرسلها تلسكوب هابل لقرأوا الكون على صفحة بيضاء ناصعة . إن العلماء الغربيين متفقون على أن عناصر الأرض تكونت من عناصر الأوكسجين والنتروجين والأرجون وكذلك النجوم ، والتوصل الى ذلك أمر ممتاز وصحيح في أساسياته . وهذا التحليل ينسحب على كل الكواكب والنجوم في الفضاء الفسيح ولكن بنسب متفاوته وعناصر مختلفة متنوعة . هذه العناصرإن اختلفت بكمياتها وتنوعها فإنها تغًير من مهمة الكوكب ودوره في الفضاء ومن "زمالة " الكواكب أو النجوم الأخرى التي ترافقه ومن شكل رعاية الثقب الأسود له عند تشكله ؛ وهذا الأمر ينطبق على تكوين الكرة الأرضية حيث ان العلماء لم ينتبهوا مع الحصول على عينات من المريخ ومن القمر ومن الشهب والنيازك ، على أن عناصر الأرض تتميز عن هذه الكواكب جميعاً بتوفر عنصر( الكلور دى صوديوم ) أي عنصر الملح.
هذا العنصر الذي يتوفر يكميات كبيره في مياه البحر الذي يشكل ثلاثة ارباع الكرة الأرضية . لقد تبين أن عنصر الملح هذا ،الكريستالي الصلب لكن السريع الذوبان أو بالأصح الإندماج مع عناصر المياه التي أضحت في بعض منها غازية ،والذي يحتوى على عناصر مطهرة فائقة الأهمية ضرورية للحياة ، تبين أنه نادر في الكون لأنه تشكل بكميات بسيطه في الكواكب الأخرى ؛ والدليل على ذلك إنتفاء الحياة فيها مع ندرة المياه بها التي لاتتوفر بالكوكب الا بتوفر مادة الملح .
وتأكيد أهمية توافر عنصر الملح وضرورته في تشكل كوكب الأرض بعناصر المياه والحياة فيه ، فإن ذلك يتوافق تماماً ويترافق مع جذب الملح لعنصر الماء بحالته الغازية الجديدة التى أعقبت الإنفجار بما له من جاذبية إيجابية متفوقة عليهما للإتحاد معه لتوجد المحيطات والبحار والأنهارالناتجة عن التبخر، مما شكل عنصر الحياة للنبات والحيوان والإنسان على الأرض .
كميات الملح تلك الناتجة عن الإنفجار الكوني جذبتها الأرض اليها وفقاً لجاذبيتها التي تميزت بها بينما افتقدتها الكواكب الأخرى ، إذ أن لكل نجم أو كوكب جاذبية مغناطسية خاصة هي أشبه بالبصمة التي تميزها عن الأخرى تحفظ لها التجاذب السلبي والإيجابي بما يخدم مهماتها وبما يخدم توازن الكون واستمراريتها. هذه الخاصية المغناطيسية للكرة الأرضية بجذبها للملح أتاح لها توفر المياه الذي كان اساساً لتشكل الحياة على الأرض . وهذه الخاصية الفريدة للأرض وضعتها في محيط كوني من الكواكب والنجوم يعملون في واقع الأمر على خدمتها ، فبدون الشمس لاحياة على الأرض ومن دون نبتون وعطارد والزهرة والمريخ أو مايعرف بالمجموعة الشمسية فلا قدرة للكرة الأرضية على الإستمرار بهذا الإنتظام الرائع ، إذ ان المدار الذي تدور به الأرض والكواكب والنجوم المرافقة لها إنما هي للسهر على الأرض في إنتظام دورانها ودقته في تعاقب الليل والنهار . كما يتولى كوكب زحل دور الحماية للأرض من أي طارىء أو عدوان من شوارد فضائية بجذبها اليه بقوة هائلة وحصرها للدوران بفلكه في حلقات متعددة المهمات حيث أن كل حلقة منها تمتلك خاصية مغناطيسية مختلفة تفتقر اليها الكواكب الأخرى تؤهله لاقتناص أي حجارة أو كويكب مهما تنوعت جاذبيتهم المغناطيسية . وهذه المغناطيسية لكوكب زحل هي ميزة فريدة له كما هي ميزة الملح للكرة الأرضية التي أتاحت لها التواجد ضمن المجموعة الشمسية وأسالت بها الماء لتبعث فيها الحياة .